التعايش مع مرض السكري قد يضع أمامك تحديات يومية، لكن فهمك لدور التغذية وكيفية اتباع حمية صحية سيُحدث فرقًا ملموسًا في صحتك وجودة حياتك. من المهم أن تعرف أن "حمية مريض السكري" ليست نظامًا قاسيًا أو معقدًا بل هي ببساطة خطة أكل صحية ومتوازنة تناسب الجميع وليس فقط مرضى السكري.
![]() |
حمية مريض السكري - دليلك الشامل لتغذية صحية ومتوازنة |
هدفنا في هذا المقال أن نوفر لك دليل واضح وعملي لفهم أساسيات التغذية السليمة لمرضى السكري وكيف تختار الأطعمة المناسبة وتخطط وجباتك بذكاء.
سنتناول معاً أهمية هذه الحمية وما هي الأطعمة التي ننصحك بتناولها وتلك التي يُفضل أن تبتعد عنها، بالإضافة إلى طرق عملية لتطبيق هذه المبادئ في حياتك اليومية، سواء كنت في البيت أو خارجه. لكن تذكر دائماً: هذه المعلومات للتثقيف العام ومن الضروري جدًا استشارة طبيبك أو أخصائي تغذية معتمد قبل أن تُدخل أي تغييرات على نظامك الغذائي؛ ليساعدك في وضع خطة تناسب حالتك الصحية واحتياجاتك الخاصة.
لماذا حمية السكري مهمة لصحتك؟
اتباع نظام غذائي صحي هو الركيزة الأساسية في إدارة مرض السكري والسيطرة عليه. فالطعام الذي تأكله يؤثر بشكل مباشر على مستويات السكر (الجلوكوز) في دمك، ولهذا السبب فإن اختيارك للأطعمة المناسبة يساعدك على إبقاء هذه المستويات ضمن النطاق الصحي المطلوب. هذا التحكم لا يقتصر فقط على إدارة السكري يوميًا، بل يمتد تأثيره ليشمل صحتك العامة على المدى الطويل.
إلى جانب التحكم في سكر الدم تساعد الحمية الصحية في ضبط الوزن. فالوزن الزائد يُعتبر عامل خطر رئيسي خصوصًا وأن نسبة كبيرة من المصابين بالسكري من النوع الثاني يعانون من زيادة الوزن أو السمنة. يساعدك النظام الغذائي المتوازن على الوصول إلى وزن صحي والمحافظة عليه، وهذا بدوره يحسن من حساسية جسمك للأنسولين ويُسهّل السيطرة على السكري.
كما أن التغذية الجيدة تساهم في تحسين مستويات الكوليسترول وضغط الدم وهما عاملان مهمان جدًا لصحة القلب والأوعية الدموية التي غالبًا ما تكون مصدر قلق لمرضى السكري.
الالتزام بحمية صحية ليس مجرد وسيلة للتحكم بالأعراض بل هو استثمار حقيقي في صحتك المستقبلية. فهذا الالتزام يساعدك على تقليل خطر الإصابة بمضاعفات السكري الخطيرة أو تأخير ظهورها مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية، ومشاكل الكلى، وتلف الأعصاب، ومشاكل النظر. وهكذا فإن كل خيار صحي تتخذه اليوم يساهم في حماية صحتك غدًا.
الأثر الإيجابي للتغذية السليمة يظهر بوضوح أيضًا في نتائج فحوصاتك الدورية مثل فحص السكر التراكمي (HbA1c). تشير الدراسات إلى أن العلاج بالتغذية الطبية يمكن أن يخفض مستوى السكر التراكمي بنسبة ملحوظة تتراوح بين 1% إلى 2%. والأمر الأكثر تفاؤلاً هو أن فقدان الوزن بشكل كبير - والذي غالبًا ما يتحقق من خلال تغييرات جذرية في النظام الغذائي ونمط الحياة - قد يساهم في تحقيق ما يُعرف بـ "هجوع السكري" (Remission) لدى بعض المصابين بالسكري من النوع الثاني.
هذا يعني عودة مستويات السكر في الدم إلى المعدل الطبيعي دون الحاجة للأدوية خاصة إذا تم البدء بهذه التغييرات في المراحل المبكرة من المرض. فقدان 5% إلى 10% أو أكثر من وزن الجسم يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في هذا الاتجاه.
أساسيات التغذية لمريض السكري
كما ذكرنا سابقًا حمية مريض السكري هي ببساطة خطة أكل صحية تركز على التوازن والتنوع. تقوم هذه الخطة على اختيار الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية المفيدة، والابتعاد قدر الإمكان عن الأطعمة المصنعة التي قد تضر بصحتك. فهمك لأساسيات هذه الحمية سيساعدك على اتخاذ قرارات أفضل بشأن طعامك اليومي.
تعتمد أجسامنا على ثلاثة عناصر غذائية رئيسية للحصول على الطاقة: الكربوهيدرات، والبروتينات، والدهون. ومن المهم أن تعرف كيف يؤثر كل منها على مستوى السكر في دمك. الكربوهيدرات هي المصدر الرئيسي الذي يتحول إلى سكر في الدم، لهذا السبب فإن نوعية وكمية الكربوهيدرات التي تتناولها لها التأثير الأكبر. ولا توجد نسبة مثالية محددة للكربوهيدرات أو البروتينات أو الدهون تناسب جميع مرضى السكري فالاحتياجات تختلف من شخص لآخر.
تلعب الألياف الغذائية دورًا مهمًا في حمية السكري. فالألياف هي جزء من الأطعمة النباتية لا يستطيع جسمك هضمه بالكامل وهي تساعد على إبطاء عملية الهضم وامتصاص السكر، مما يساهم في استقرار مستويات السكر في الدم بعد الوجبات. يُنصح بتناول كمية كافية من الألياف يوميًا على غرار التوصيات لعامة الناس (حوالي 25 جرامًا للنساء و 38 جرامًا للرجال يوميًا).
التحكم في حجم الحصص التي تتناولها هو عامل أساسي آخر. فحتى الأطعمة الصحية إذا تناولتها بكميات كبيرة يمكن أن تؤدي إلى زيادة الوزن وارتفاع سكر الدم. تعلم تقدير حجم الحصص المناسبة يساعدك على التحكم في السعرات الحرارية وكمية الكربوهيدرات التي تتناولها.
تنظيم مواعيد وجباتك وتناولها بانتظام يمكن أن يساعد أيضًا في الحفاظ على استقرار مستويات السكر في الدم وتجنب الشعور بالجوع الشديد الذي قد يدفعك لتناول أطعمة غير صحية. حاول ألا تفوت وجباتك الرئيسية.
أخيراً لا تنسَ أهمية شرب كمية كافية من الماء والسوائل الخالية من السعرات الحرارية. فالماء يساعد على تنظيم وظائف الجسم المختلفة وهو الخيار الأفضل للحفاظ على رطوبة جسمك دون التأثير على مستويات السكر في الدم.
ماذا تأكل؟ أفضل الأطعمة في حميتك
عندما نتحدث عن حمية السكري يكون التركيز على اختيار الأطعمة التي تغذي جسمك وتساعد في الحفاظ على استقرار سكر الدم. لحسن الحظ، هناك مجموعة واسعة ومتنوعة من الأطعمة اللذيذة والمفيدة التي يمكنك الاستمتاع بها.
الخضروات غير النشوية
هذه الخضروات هي أساس أي حمية صحية لمرضى السكري. فهي قليلة جدًا بالكربوهيدرات والسعرات الحرارية لكنها غنية بالفيتامينات والمعادن والألياف التي تساعدك على الشعور بالشبع. ننصحك بملء نصف طبقك بهذه الخضروات في كل وجبة رئيسية:
- سبانخ
- بروكلي
- قرنبيط
- خيار
- طماطم
- فلفل
- خس
- كوسا
- جزر (باعتدال)
- بصل
- فطر
- كرنب
الكربوهيدرات الصحية
الكربوهيدرات ضرورية لتزويد جسمك بالطاقة لكن المفتاح هو اختيار الأنواع المناسبة والتحكم في الكمية. ركز على المصادر الكاملة غير المصنعة والغنية بالألياف والتي يتم امتصاصها ببطء أكثر مما يساعد على تجنب الارتفاعات الحادة في سكر الدم. يجب أن تشغل هذه الكربوهيدرات حوالي ربع طبقك فقط.
1. الحبوب الكاملة
توفر الحبوب الكاملة الألياف والعناصر الغذائية الهامة وتساعد على الشعور بالشبع لفترة أطول، ومن أبرزها:
- الأرز البني
- الشوفان الكامل
- الكينوا
- البرغل
- الشعير
- خبز قمح كامل
- معكرونة قمح كامل
2. الفواكه المناسبة
الفواكه هي مصدر ممتاز للفيتامينات والمعادن والألياف ولكنها تحتوي أيضًا على سكريات طبيعية (فركتوز). من الأفضل تناول الفاكهة الكاملة بدلًا من العصائر للحصول على الألياف. انتبه لحجم الحصة فتناول كميات كبيرة يمكن أن يرفع سكر الدم. وهناك بعض الفواكه والحمضيات تعتبر خيارات ممتازة، كالتالي:
- التوت بأنواعه
- التفاح
- البرتقال والحمضيات
- الكمثرى
- الخوخ
- الفراولة
- البطيخ (باعتدال)
3. البقوليات
تعتبر البقوليات مصدرًا رائعًا للبروتين النباتي والألياف والكربوهيدرات المعقدة، وهي خيار مشبع ومغذي جدًا. ومن أبرز البقوليات التي يستحسن تضمينها في حمية مريض السكري:
- العدس
- الحمص
- الفاصوليا بأنواعها
- البازلاء
الألبان قليلة الدسم
توفر منتجات الألبان الكالسيوم والبروتين الضروري لجسم الانسان، فاختر الأنواع قليلة الدسم أو خالية الدسم وغير المحلاة لتجنب الدهون المشبعة والسكريات المضافة. ومن أبرزها:
- الحليب قليل/خالي الدسم
- الزبادي غير المحلى
- جبن قريش
- لبن (قليل الدسم)
البروتينات قليلة الدهون
البروتين مهم لبناء وإصلاح الأنسجة ويساعد على الشعور بالشبع والامتلاء بعد الوجبات، ويجب أن يشغل البروتين حوالي ربع طبقك. اختر المصادر قليلة الدهون كالتالي:
- الدجاج منزوع الجلد
- الديك الرومي
- الأسماك (خاصة الدهنية)
- اللحوم الحمراء قليلة الدهن (باعتدال)
- البيض (باعتدال)
- البقوليات (مصدر بروتين وكربوهيدرات)
- التوفو
- الجبن قليل الدسم
الدهون الصحية للقلب
ليست كل الدهون ضارة، فالدهون غير المشبعة (الأحادية والمتعددة) مفيدة لصحة القلب وتساعد على خفض مستويات الكوليسترول الضار. استخدمها باعتدال لأنها عالية السعرات الحرارية.
ومن أبرز أمثلة الدهون الصحية للقلب المناسبة لمريض السكري:
- زيت زيتون بكر
- أفوكادو
- مكسرات (لوز، جوز)
- بذور (شيا، كتان)
- أسماك دهنية (سلمون، تونة، سردين)
ماذا تتجنب؟ أطعمة يجب تقليلها أو الحذر منها
إدارة السكري لا تقتصر فقط على تناول الأطعمة الصحية بل تتضمن أيضًا معرفة الأطعمة التي يجب أن تقلل منها أو تتجنبها لأنها قد تؤثر سلبًا على مستويات السكر في الدم، أو تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب أو تساهم في زيادة الوزن.
السكريات المضافة والمشروبات المحلاة
هذه هي العدو الأول لمريض السكري. فالمشروبات الغازية العادية وعصائر الفاكهة المحلاة ومشروبات الطاقة والحلويات والكيك، والمعجنات تحتوي على كميات كبيرة من السكر المضاف الذي يرفع سكر الدم بسرعة كبيرة جدًا. كما أنها غالبًا ما تكون خالية من العناصر الغذائية المفيدة وتساهم في زيادة السعرات الحرارية والوزن. اقرأ ملصقات الأغذية جيدًا لتكتشف السكريات المضافة المختبئة تحت أسماء مختلفة.
الكربوهيدرات المكررة
الأطعمة المصنوعة من الحبوب المكررة (مثل الدقيق الأبيض والأرز الأبيض) تفتقر إلى الألياف والعناصر الغذائية الموجودة في الحبوب الكاملة. نتيجة لذلك يتم هضمها بسرعة أكبر مما يؤدي إلى ارتفاع أسرع في مستويات السكر في الدم مقارنة بنظيراتها الكاملة.
ومن أبرز الكربوهيدرات المكررة التي ينبغي لمريض السكري تجنبها:
- الخبز الأبيض
- الأرز الأبيض
- المعكرونة البيضاء
- حبوب الإفطار المحلاة
- المقرمشات والوجبات الخفيفة والمصنعة
الدهون غير الصحية (المشبعة والمتحولة)
مرض السكري يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب لذا من المهم جدًا تجنب الدهون التي تزيد هذا الخطر. الدهون المشبعة (الموجودة بشكل أساسي في المنتجات الحيوانية وبعض الزيوت النباتية الاستوائية) والدهون المتحولة (الموجودة في الأطعمة المصنعة والمقلية) يمكن أن ترفع مستويات الكوليسترول الضار (LDL) وتضر بصحة الأوعية الدموية.
ومن أبرز مصادر الدهون غير الصحية:
- اللحوم عالية الدهن (مثل اللحم المفروم الدهني والنقانق، واللحوم المصنعة)
- زبدة وسمن حيواني
- ألبان كاملة الدسم
- أطعمة مقلية (مثل البطاطس المقلية، الدجاج المقلي)
- وجبات خفيفة مصنعة (مثل بعض أنواع البسكويت والكعك)
- زيوت مهدرجة جزئيًا (مصدر للدهون المتحولة)
- زيوت النخيل وجوز الهند (يُنصح بالحد منها)
الأطعمة عالية الملح (الصوديوم)
تناول كميات كبيرة من الملح يمكن أن يرفع ضغط الدم وهي مشكلة شائعة لدى مرضى السكري وتزيد من خطر أمراض القلب والسكتة الدماغية. الحد الموصى به عمومًا هو أقل من 2300 ملليجرام من الصوديوم يوميًا، وقد ينصحك طبيبك بكمية أقل إذا كنت تعاني من ارتفاع ضغط الدم. كن حذرًا من الملح "المخفي" في الأطعمة المصنعة والمعلبة والوجبات السريعة والصلصات الجاهزة، ومنها:
- الأطعمة المعلبة (ما لم يتم شطفها)
- الوجبات السريعة
- اللحوم المصنعة (مثل المرتديلا والنقانق)
- المخللات (بكميات كبيرة)
- الصلصات الجاهزة (مثل الصويا صوص، الكاتشب بكميات كبيرة)
- الوجبات الخفيفة المالحة (مثل رقائق البطاطس المملحة)
كيف تطبق حمية السكري في حياتك اليومية؟
معرفة ما يجب أن تأكله وما يجب أن تتجنبه هي الخطوة الأولى، لكن التحدي الحقيقي يكمن في تطبيق هذه المبادئ بشكل عملي ومستمر في حياتك اليومية. الخبر الجيد هو أن هناك أدوات واستراتيجيات بسيطة يمكن أن تساعدك على جعل الأكل الصحي جزءًا طبيعيًا من روتينك.
تخطيط الوجبات بسهولة
تخطيط وجباتك مسبقًا يمكن أن يوفر عليك الكثير من الوقت والجهد ويساعدك على اتخاذ خيارات صحية باستمرار. فعندما تخطط لوجباتك تكون أقل عرضة لاتخاذ قرارات متسرعة أو غير صحية عندما تشعر بالجوع. هناك طريقتان شائعتان ومفيدتان لتخطيط الوجبات لمرضى السكري:
طريقة الطبق الصحي
هذه الطريقة بسيطة جدًا وتعتمد على تقسيم طبقك بصريًا لضمان التوازن والتحكم في الحصص دون الحاجة إلى قياسات دقيقة. استخدم طبقًا عاديًا بحجم 9 بوصات (حوالي 23 سم) وقسمه كالتالي:
- املأ نصف الطبق بالخضروات غير النشوية (مثل السلطة، والبروكلي، والفاصوليا الخضراء).
- املأ ربع الطبق بمصدر بروتين قليل الدهن (مثل الدجاج المشوي، والسمك، والبقوليات، والتوفو).
- املأ الربع الأخير بمصدر كربوهيدرات صحي (مثل الأرز البني، والكينوا، والبطاطا الحلوة، وقطعة فاكهة صغيرة).
هذه الطريقة تضمن حصولك على كمية وافرة من الخضروات والألياف، مع كميات معتدلة من البروتين والكربوهيدرات.
حساب الكربوهيدرات
هذه الطريقة أكثر دقة وتعتمد على تتبع كمية الكربوهيدرات بالجرامات في كل وجبة أو وجبة خفيفة. وهي مهمة بشكل خاص للأشخاص الذين يستخدمون الأنسولين مع الوجبات حيث تساعدهم على تحديد جرعة الأنسولين المناسبة لكمية الكربوهيدرات التي يتناولونها.
يمكن تبسيط هذه الطريقة باستخدام مفهوم "حصة الكربوهيدرات" (Carb Choice)، حيث تعتبر كل حصة حوالي 15 جرامًا من الكربوهيدرات. من الضروري العمل مع أخصائي تغذية أو مثقف سكري لتحديد هدف الكربوهيدرات اليومي المناسب لك وتعلم كيفية حسابها بدقة.
فهم المؤشر الجلايسيمي (GI) والحمل الجلايسيمي (GL)
المؤشر الجلايسيمي (GI) هو مقياس يصنف الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات بناءً على مدى سرعة رفعها لمستوى السكر في الدم بعد تناولها على مقياس من 0 إلى 100. الأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض (أقل من 55) ترفع سكر الدم ببطء وتدريجيًا، بينما الأطعمة ذات المؤشر المرتفع (أكثر من 70) ترفعه بسرعة.
أما الحمل الجلايسيمي (GL) يأخذ في الاعتبار كلاً من المؤشر الجلايسيمي للطعام وكمية الكربوهيدرات في الحصة المتناولة:
(GL = GI × جرامات الكربوهيدرات / 100).
ويعتبر مقياسًا أكثر واقعية لتأثير الطعام على سكر الدم.
اختيار الأطعمة ذات المؤشر والحمل الجلايسيمي المنخفض يمكن أن يساعد في تحسين التحكم في سكر الدم. ومع ذلك لا ينبغي الاعتماد على المؤشر الجلايسيمي وحده، فالقيمة الغذائية الإجمالية للطعام وحجم الحصة لا يزالان مهمين جدًا.
مؤشر جلايسيمي منخفض (55 أو أقل) | مؤشر جلايسيمي متوسط (56-69) | مؤشر جلايسيمي مرتفع (70 أو أكثر) |
---|---|---|
معظم الخضروات غير النشوية | أرز بسمتي | خبز أبيض |
بقوليات (عدس، حمص، فاصوليا) | بطاطا حلوة | أرز أبيض قصير الحبة |
معظم الفواكه (تفاح، توت، برتقال) | خبز الجاودار | بطاطس مخبوزة |
شوفان (كامل أو مقطع صلب) | أناناس طازج | رقائق الذرة (كورن فليكس) |
حليب وزبادي غير محلى | زبيب | بطيخ |
مكسرات وبذور | عسل | تمر |
برغل وشعير | خبز بيتا | معجنات وحلويات |
ملاحظة: قيم المؤشر الجلايسيمي قد تختلف قليلاً بناءً على عوامل مثل النضج وطريقة الطهي والمعالجة.
التحكم في حجم الحصص
كما ذكرنا حتى الأطعمة الصحية يمكن أن تسبب مشاكل إذا تناولتها بكميات كبيرة. التحكم في حجم الحصص هو مفتاح إدارة الوزن وسكر الدم. إليك كيف يمكنك التحكم في حجم الحصص:
- استخدم أطباقًا أصغر بحجم 9 بوصات والتي تساعدك بشكل طبيعي.
- انتبه إلى "حجم الحصة" المذكور على العبوة وقارنه بالكمية التي تتناولها بالفعل.
- في البداية من المفيد استخدام أكواب وملاعق القياس أو ميزان الطعام لتعلم كيف تبدو الحصص المناسبة.
- استخدم يدك كدليل لمساعدتك في تقدير أحجام الحصص عندما لا تتوفر أدوات قياس.
قراءة ملصقات الأغذية
تعلم قراءة "بطاقة حقائق التغذية" الموجودة على الأطعمة المعلبة يساعدك كثيرًا في اتخاذ خيارات صحية ومعرفة ما تأكله بالضبط. ركز على النقاط التالية:
- حجم الحصة (Serving Size): هذا هو أهم رقم تبدأ به. فكل المعلومات الأخرى في البطاقة تعتمد على هذا الحجم. إذا تناولت كمية أكبر فيجب أن تضاعف الأرقام الأخرى.
- إجمالي الكربوهيدرات (Total Carbohydrate): هذا هو الرقم الذي تستخدمه لحساب الكربوهيدرات. وهو يشمل السكريات والنشويات والألياف.
- الألياف الغذائية (Dietary Fiber): الألياف لا ترفع سكر الدم، وبعض الخطط تسمح بطرح نصف جرامات الألياف (إذا كانت أكثر من 5 جرام في الحصة) من إجمالي الكربوهيدرات، لكن استشر أخصائي التغذية أولاً.
- السكريات المضافة (Added Sugars): حاول اختيار أطعمة تحتوي على أقل كمية ممكنة من السكريات المضافة.
- الدهون (Total Fat): انظر إلى أنواع الدهون، ثم قلل من الدهون المشبعة (Saturated Fat) وتجنب الدهون المتحولة (Trans Fat) قدر الإمكان.
- الصوديوم (Sodium): قارن بين المنتجات واختر الأقل احتواءً للصوديوم.
- قائمة المكونات (Ingredient List): المكونات تكون مرتبة حسب الوزن. ابحث عن كلمات معينة مثل "حبوب كاملة" وتجنب المنتجات التي تظهر فيها السكريات أو الدهون غير الصحية في بداية القائمة.
طرق الطهي الصحية
طريقة طهي الطعام يمكن أن تؤثر بشكل كبير على محتواه من الدهون والسعرات الحرارية، اختر طرق الطهي التي تستخدم كمية قليلة من الدهون أو لا تستخدمها على الإطلاق، وهي كالتالي:
- الخبز أو الشوي في الفرن
- الطهي بالبخار
- السلق الخفيف (في الماء أو المرق)
- الشوي على الفحم أو الجريل
- القلي السريع (Stir-fry) باستخدام كمية قليلة جدًا من الزيت الصحي
- الطبخ البطيء (مع إزالة الدهون الزائدة من اللحوم)
- استخدام مقلاة الهواء (Air-fryer) كبديل صحي للقلي العميق
نصائح إضافية للطهي:
- أزل الدهون الظاهرة من اللحوم والدواجن قبل الطهي.
- استخدم الأعشاب والتوابل والليمون والخل لإضافة نكهة بدلًا من الملح والزبدة والصلصات السكرية أو الدهنية.
- اشطف الخضروات والفول المعلب لتقليل محتوى الملح.
- استخدم زيوت صحية (مثل زيت الزيتون أو الكانولا) بكميات قليلة عند الحاجة.
نصائح لتناول الطعام خارج المنزل
تناول الطعام في المطاعم أو المناسبات الاجتماعية صعب للبعض لكن مع بعض التخطيط يمكنك الاستمتاع بوجبتك دون الإخلال بحميتك. إليك أبرز النصائح لتناول الطعام خارج المنزل:
- خطط مسبقاً واطلع على قائمة الطعام عبر الإنترنت - إذا أمكن - قبل الذهاب لتحديد الخيارات الصحية.
- ابحث عن الأطباق المخبوزة، أو المشوية، أو المسلوقة، أو المطبوخة على البخار بدلًا من المقلية أو المغطاة بالصلصات الكريمية أو الجبن.
- غالبًا ما تكون حصص المطاعم كبيرة جدًا، لذلك جرب مشاركة الطبق الرئيسي مع شخص آخر، أو اطلب من النادل أن يضع نصف الكمية في علبة لتأخذها معك للمنزل أو اطلب طبق مقبلات كوجبة رئيسية.
- لا تتردد في طلب تعديلات صحية مثل استبدال البطاطس المقلية بسلطة جانبية أو خضروات مطهوة على البخار، أو طلب الدجاج المشوي بدلًا من المقلي.
- اطلب دائماً الصلصات وتتبيلات السلطة والزبدة جانباً حتى تتمكن من التحكم في الكمية التي تستخدمها. تجنب الصلصات السكرية مثل الباربيكيو أو الترياكي.
- اشرب الماء بدلًا من المشروبات الغازية المحلاة أو العصائر.
- اطلب من النادل عدم إحضار سلة الخبز أو رقائق الشيبس إلى الطاولة، أو على الأقل ضعها بعيدًا عن متناول يدك.
أنماط غذائية صحية لمرضى السكري
في حين أنه لا يوجد نظام غذائي واحد يناسب الجميع بشكل مثالي إلا أن هناك أنماط غذائية معينة أثبتت الدراسات فعاليتها في مساعدة مرضى السكري على إدارة حالتهم وتحسين صحتهم. من المهم أن تختار النمط الذي يناسب ذوقك الشخصي وثقافتك ونمط حياتك، والذي يمكنك الالتزام به على المدى الطويل.
حمية البحر الأبيض المتوسط
هذا النمط الغذائي مستوحى من العادات الغذائية التقليدية لسكان المناطق المطلة على البحر الأبيض المتوسط. وهو يركز بشكل أساسي على:
- كميات وفيرة من الفواكه، والخضروات، والحبوب الكاملة، والبقوليات، والمكسرات، والبذور.
- زيت الزيتون البكر الممتاز كمصدر رئيسي للدهون.
- الأسماك والمأكولات البحرية بشكل منتظم، والدواجن ومنتجات الألبان (خاصة الزبادي والجبن) بكميات معتدلة.
- الحد من اللحوم الحمراء والحلويات.
أظهرت الدراسات أن حمية البحر الأبيض المتوسط يمكن أن تساعد في تحسين التحكم في سكر الدم (A1C) لدى البعض وتحسين مستويات الدهون في الدم (خفض الدهون الثلاثية ورفع الكوليسترول الجيد HDL)، وخفض ضغط الدم، وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بشكل كبير
حمية داش (DASH) لوقف ارتفاع ضغط الدم
تم تصميم حمية داش (Dietary Approaches to Stop Hypertension) في الأصل للمساعدة في خفض ضغط الدم المرتفع، ولكنها تعتبر أيضًا نمطًا غذائيًا صحيًا جدًا لمرضى السكري. تركز هذه الحمية على:
- تناول كميات كبيرة من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة.
- تضمين منتجات الألبان قليلة أو خالية الدسم والأسماك والدواجن والبقوليات والمكسرات والزيوت النباتية.
- الحد من الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة (مثل اللحوم الدهنية ومنتجات الألبان كاملة الدسم)، والحلويات والمشروبات المحلاة، والصوديوم (الملح).
تساعد حمية داش بشكل فعال في خفض ضغط الدم، وهو أمر مهم جدًا لمرضى السكري الذين غالبًا ما يعانون من ارتفاع ضغط الدم أيضًا.
أهمية اختيار النمط المناسب لك
مرة أخرى نقول أن أهم عامل في اختيار نمط غذائي هو قدرتك على الالتزام به على المدى الطويل. سواء اخترت حمية البحر الأبيض المتوسط، أو حمية داش، أو نمطًا نباتيًا، أو حتى نمطًا منخفض الكربوهيدرات (والذي أظهر فعالية في خفض A1C وتحسين بعض عوامل الخطر 41) فيجب أن يكون النمط الغذائي:
- فعالًا يساعدك على تحقيق أهدافك الصحية (سكر الدم، الوزن، ضغط الدم، الدهون).
- ممتعًا يحتوي على أطعمة تستمتع بتناولها.
- مناسبًا ثقافيًا واجتماعيًا ويتوافق مع عاداتك وتقاليدك.
- متاحًا وميسور التكلفة ويمكنك الحصول على مكوناته بسهولة.
- مستدامًا ويمكنك اتباعه كنمط حياة دائم، وليس مجرد حمية مؤقتة.
تحدث مع طبيبك أو أخصائي التغذية لمناقشة الخيارات المختلفة ومساعدتك في اختيار وتكييف النمط الغذائي الأنسب لك.
نصائح إضافية لنجاح حميتك
إن تبني حمية صحية هو رحلة مستمرة تتطلب التزامًا وبعض الجهد. إليك بعض النصائح الإضافية التي يمكن أن تساعدك على النجاح والبقاء على المسار الصحيح:
- حاول الالتزام بخطتك الغذائية الصحية معظم الوقت. لا بأس ببعض المرونة من حين لآخر لكن العودة إلى المسار الصحيح بسرعة هو الأهم.
- اشرب كمية كافية من الماء على مدار اليوم. فغالبًا ما نخلط بين الشعور بالعطش والجوع.
- ادمج النشاط البدني؛ حيث أن النظام الغذائي الصحي يعمل بشكل أفضل عند دمجه مع ممارسة التمارين الرياضية بانتظام. فالنشاط البدني يساعد على خفض سكر الدم وإدارة الوزن وتحسين صحة القلب. استهدف حوالي 150 دقيقة من النشاط المعتدل أسبوعيًا، مثل المشي السريع.
- قياس مستوى السكر في دمك بانتظام كما يوصي طبيبك، حيث يساعدك ذلك على فهم كيف تؤثر الأطعمة المختلفة والوجبات على جسمك، وهذا يمكّنك من تعديل خطتك حسب الحاجة.
- لا تتردد في العمل مع فريق الرعاية الصحية الخاص بك. يمكن للطبيب وأخصائي التغذية المسجل (RDN) ومثقف السكري المعتمد (CDCES) تقديم دعم لا يقدر بثمن، ووضع خطط شخصية، ومساعدتك على التغلب على التحديات. العلاج بالتغذية الطبية (MNT) المقدم من قبل أخصائي تغذية هو تدخل فعال ومثبت علميًا.
- كن صبورًا ولطيفًا مع نفسك، فتغيير العادات الغذائية يستغرق وقتًا وجهدًا وقد تكون هناك أيام صعبة. فلا تقسُ على نفسك واحتفل بنجاحاتك الصغيرة وتعلم من أي انزلاقات واستمر في المحاولة.
الخاتمة
إن اتباع حمية صحية ومتوازنة هو جزء أساسي وفعال في إدارة مرض السكري والتمتع بحياة صحية ونشطة. الأمر لا يتعلق بالحرمان بل باتخاذ خيارات ذكية ومستنيرة بشأن طعامك. من خلال التركيز على الأطعمة الكاملة والغنية بالعناصر الغذائية والتحكم في حجم الحصص وتقليل الأطعمة غير الصحية، وتبني استراتيجيات عملية مثل طريقة الطبق الصحي أو حساب الكربوهيدرات، يمكنك السيطرة بشكل أفضل على مستويات السكر في دمك وتقليل خطر المضاعفات.
تذكر أن كل خطوة صغيرة نحو الأكل الصحي تحدث فرقًا. كن صبورًا واستمر في التعلم، والأهم من ذلك اعمل بشكل وثيق مع طبيبك وفريق الرعاية الصحية الخاص بك لوضع خطة تغذية تناسب احتياجاتك وأهدافك الفردية. صحتك تستحق هذا الجهد.
الأسئلة الشائعة
هنا إجابات لبعض الأسئلة الشائعة حول حمية مريض السكري:
هل يجب أن أتجنب الكربوهيدرات تمامًا في حمية السكري؟
لا، الكربوهيدرات مصدر مهم للطاقة. المهم هو اختيار الأنواع الصحية (الحبوب الكاملة، الفواكه، الخضروات) والتحكم في الكمية. تجنب الكربوهيدرات المكررة والسكريات المضافة. استشر أخصائي تغذية لتحديد الكمية المناسبة لك.
ما هي أفضل طريقة لتخطيط وجباتي في حمية مريض السكري؟
لا توجد طريقة واحدة "أفضل" للجميع. "طريقة الطبق الصحي" بسيطة ومفيدة للتحكم بالحصص. "حساب الكربوهيدرات" دقيق ومهم لمستخدمي الأنسولين. استشر طبيبك أو أخصائي التغذية لاختيار الطريقة الأنسب لك.
هل يمكنني تناول الفاكهة إذا كنت مريض سكري؟
نعم الفاكهة جزء من حمية السكري الصحية لأنها غنية بالفيتامينات والألياف. اختر الفاكهة الكاملة بدلًا من العصير وانتبه لحجم الحصة لأنها تحتوي على سكريات طبيعية. بعض الفواكه (مثل التوت والحمضيات) أفضل من غيرها (مثل الموز الناضج جدًا أو الفواكه المجففة).
هل يساعد فقدان الوزن حقًا في التحكم بالسكري من النوع الثاني؟
نعم، فقدان الوزن حتى لو كان بسيطًا (5-10%) يمكن أن يحسن بشكل كبير التحكم في سكر الدم وحساسية الأنسولين. فقدان وزن أكبر قد يؤدي إلى هجوع (remission) السكري لدى البعض خاصة في المراحل المبكرة.
كيف أتعامل مع حمية السكري عند تناول الطعام في الخارج أو في المناسبات؟
خطط مسبقًا بالاطلاع على قائمة الطعام واختر الأطباق المشوية أو المخبوزة بدلًا من المقلية. وكذلك تحكم في حجم الحصة (شارك الطبق أو خذ الباقي للمنزل)، واطلب الصلصات جانبًا، وركز على الخضروات غير النشوية والبروتين قليل الدهن.
قائمة المراجع:
- American Diabetes Association Professional Practice Committee. (2024). 5. Facilitating behavior change and well-being to improve health outcomes: Standards of Care in Diabetes—2024. Diabetes Care, 47(Suppl 1), S77–S110. https://diabetesjournals.org/care/article/47/Supplement_1/S77/153949/5-Facilitating-Positive-Health-Behaviors-and-Well
- Mayo Clinic Staff. (2024, June 11). Diabetes diet: Create your healthy-eating plan. Mayo Clinic. https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/diabetes/in-depth/diabetes-diet/art-20044295
- Evert, A. B., Dennison, M., Gardner, C. D., Garvey, W. T., Lau, K. H. K., MacLeod, J., Mitri, J., Pereira, R. F., Rawlings, K., Robinson, S., Saslow, L., Uelmen, S., Urbanski, P. B., & Yancy, W. S., Jr. (2019). Nutrition therapy for adults with diabetes or prediabetes: A consensus report. Diabetes Care, 42(5), 731–754. https://diabetesjournals.org/care/article/42/5/731/40480/Nutrition-Therapy-for-Adults-With-Diabetes-or
- National Heart, Lung, and Blood Institute. (2025, January 10). DASH eating plan. National Institutes of Health. https://www.nhlbi.nih.gov/education/dash-eating-plan
- Centers for Disease Control and Prevention. (2023, September 29). Diabetes meal planning. https://www.cdc.gov/diabetes/healthy-eating/diabetes-meal-planning.html
- MedlinePlus. (2024, October 11). Glycemic index and diabetes. National Library of Medicine. https://medlineplus.gov/ency/patientinstructions/000941.htm
- Sun, H., Saeedi, P., Karuranga, S., Pinkepank, M., Ogurtsova, K., Duncan, B. B., Stein, C., Basit, A., Chan, J. C. N., Mbanya, J. C., Pavkov, M. E., Ramachandaran, A., Wild, S. H., James, S., Herman, W. H., Zhang, P., Bommer, C., Kuo, S., Boyko, E. J., & Magliano, D. J. (2022). IDF Diabetes Atlas: Global, regional and country-level diabetes prevalence estimates for 2021 and projections for 2045. Diabetes Research and Clinical Practice, 183, 109119. https://www.diabetesresearchclinicalpractice.com/article/S0168-8227(21)00478-2/abstract
- Barthold, D., Neary, M. P., Everhart, K., Fitch, K., & Kaufman, H. W. (2022). Weighing in on type 2 diabetes remission: The importance of weight loss percentage. Diabetes Care, 45(1), 28–30. https://diabetesjournals.org/care/article/45/1/28/139162/Weighing-in-on-Type-2-Diabetes-Remission